أم الاتفاقيات وأولى منجزات المنظمة البحرية الدولية
ترجمة وإعداد: أوس محمد
تاريخ اعتماد الاتفاقية: 1 تشرين الثاني/ نوفمبر 1974.
تاريخ العمل بالاتفاقية: 25 أيار/ مايو 1980.
يعد العمل البحري واحداً من أكثر المهن خطورة على الإطلاق. فعدم القدرة على التنبؤ بحالة الطقس، وعدم استقرار حالة البحر نفسه وغيرها من العوامل أظهرت خطورة عالية وفرضت اعتقاداً ساد لقرون أن القليل فقط هو ما يمكن فعله لجعل العمل في البحر أكثر أمناً.
تحركت الدول بدايةً في استجابة للكوارث الكبرى نحو تدويل القانون، من خلال المواءمة والتنسيق بين القوانين المحلية، عبر معاهدات أو اتفاقيات أو تفاهمات ثنائية بين الدول البحرية الرائدة، وأُنشئت بعض المنظمات ثم اختفت لاحقاً أو تم احتواؤها، فيما عمل بعضها الآخر مؤقتاً تلبية لمقتضيات الحرب.
بعد ذلك، قامت الدول بتنظيم مؤتمرات دولية من شأنها إعداد قواعد عالمية للعمل البحري، وأخيراً، تولت المنظمة البحرية الدولية زمام المبادرة من أجل تشجيع اعتماد المواثيق الدولية لتعزيز السلامة البحرية ومنع التلوث الناتج عن السفن.
وتعتبر الاتفاقية الدولية لسلامة الأرواح في البحار (SOLAS) بأشكالها المتعاقبة أهم المعاهدات والاتفاقيات الدولية المتعلقة بسلامة السفن التجارية على الإطلاق.
اعتمدت النسخة الأولى من هذه الاتفاقية في عام 1914، وذلك استجابة لكارثة تيتانيك، واعتمدت الثانية في عام 1929، والثالثة في عام 1948، والرابعة في عام 1960. وجاءت هذه الأخيرة (والتي دخلت حيز التنفيذ عام 1965) كأول إنجاز رئيسي للمنظمة البحرية الدولية (IMO) وخطوة كبيرة للأمام في تحديث الأنظمة ومواكبة التطورات التقنية.
أضيف إجراء القبول الضمني لأول مرة إلى اتفاقية 1974، والذي نص على أن أي تعديل سيدخل حيز التنفيذ في تاريخ محدد، إلا إذا وردت اعتراضات من عدد معين من الأطراف قبل ذلك التاريخ، وبناءً على هذا الإجراء بدأ تحديث اتفاقية 1974 وعدلت في مناسبات عديدة، وهي سارية حتى اليوم لكن أصبح يشار إليها بـ (الاتفاقية الدولية لسلامة الأرواح في البحار لعام 1974 وتعديلاتها).
يتمثل الهدف الرئيسي لاتفاقية (SOLAS) في تحديد الحد الأدنى من معايير بناء وتجهيز وتشغيل السفن، بما يتوافق مع سلامتها. وتكون دولة العلم مسؤولة عن ضمان توافق السفن التي ترفع علمها مع متطلبات (SOLAS)، عبر إصدارها لعدد من الشهادات المنصوص عليها في الاتفاقية كدليل على أنه تم الالتزام بالمتطلبات.
كما تسمح أحكام الرقابة للحكومات الموقعة على الاتفاقية بتفتيش سفن تابعة لدول متعاقدة أخرى إذا كانت هناك أسباب موجبة للاعتقاد بأن السفينة ومعداتها لا تتوافق مع متطلبات الاتفاقية إلى الحد المطلوب، فيما يعرف برقابة دولة الميناء.
الاتفاقية الدولية لسلامة الأرواح في البحار (SOLAS) وتعديلاتها:
تتألف اتفاقية (SOLAS) بشكلها الحالي من 14 فصلاً تتضمن المواد التي تحدد الالتزامات العامة وتعديلاتها، كما يأتي، وتليها الملاحق.
الفصل الأول: الأحكام العامة.
ويبين الأنظمة واللوائح المتعلقة بإجراء الكشوف على أنواع السفن المختلفة، وإصدار الوثائق التي تثبت أن السفينة مطابقة لشروط الاتفاقية. كما يتضمن الأحكام الخاصة بالرقابة على السفن في موانئ الحكومات المتعاقدة الأخرى.
الفصل الثاني-1: الإنشاء -التقسيم والاتزان، الآلات والمنشآت الكهربائية.
يشترط هذا الفصل تقسيم سفن الركاب إلى قطاعات منفصلة عن بعضها البعض (وغير نفوذة للماء فيما بينها) بحيث تبقى السفينة عائمة ومستقرة في حال وقوع أضرار مفترضة، وينص على استكمال متطلبات الأسطح غير النفوذة للماء وترتيبات شفط الماء المتسرب وكذلك متطلبات الاتزان لكل من سفن الركاب والبضائع.
ويحدد أيضاً درجة التقسيم، أي المسافة القصوى المسموح بها بين اثنين من الحواجز المتجاورة، وتختلف درجة التقسيم تبعاً لنوع وطول السفينة. أعلى درجة تقسيم تطبق على سفن الركاب.
كما وضِعت المتطلبات الخاصة بالآلات والمنشآت الكهربائية لتحديد التجهيزات والخدمات الضرورية للحفاظ على سلامة السفينة وحياة الركاب والطاقم واحتفاظ هذه التجهيزات بقدرتها على العمل في ظروف الطوارئ المختلفة.
وفي عام 2010 اعتُمِدت معايير خاصة ببناء ناقلات النفط وناقلات البضائع السائبة تشترط على السفن الجديدة أن تصمم وتشيد بشكل محدد وأن تكون آمنة وصديقة للبيئة خلال حياتها في حالتها السليمة وفي حالات الأضرار المفترضة.
وبناء على هذه المعايير، يجب أن تمتلك السفن المذكورة القوة الكافية والتماسك والاستقرار لتقليل احتمال فقدان السفينة أو حدوث تلوث في البيئة البحرية بسبب انهيار البدن (بما في ذلك الانقسام) الذي يؤدي إلى الغرق أو نفاذ الماء.
الفصل الثاني -2: الوقاية من الحريق -الكشف عن الحريق وإخماده.
يتضمن الفصل أحكاماً تفصيلية حول الوقاية من الحرائق لجميع أنواع السفن وتدابير محددة لسفن الركاب وسفن البضائع وناقلات النفط.
يشمل هذا الفصل المبادئ التالية:
تقسيم السفينة إلى مناطق رئيسية تصاعدياً حسب حدودها الحرارية والبنيوية.
فصل أماكن الإعاشة عما تبقى من السفينة عن طريق الحدود الحرارية والبنيوية.
تقييد استخدام المواد القابلة للاشتعال.
الكشف عن الحريق وتحديد مصدره.
احتواء وإخماد الحريق من مصدره.
حماية طرق النجاة وطرق الوصول لأغراض مكافحة الحرائق.
سهولة الوصول إلى أجهزة إطفاء الحرائق.
التقليل من احتمال اشتعال أبخرة البضائع القابلة للاشتعال.
الفصل الثالث: معدات وتقنيات حماية الأرواح.
ويتضمن هذا الفصل متطلبات الأجهزة والتقنيات الخاصة بحماية الأرواح، بما في ذلك متطلبات قوارب النجاة وقوارب الإنقاذ وسترات النجاة، وفقا لنوع السفينة، وينص على أن جميع الأجهزة والتقنيات المذكورة يجب أن تتوافق مع متطلبات المدونة الدولية لتقنيات حماية الأرواح (LSA) ، التي اعتُبرت إلزامية بموجب المادة 34 من اتفاقية (SOLAS).
الفصل الرابع: الاتصالات اللاسلكية.
يتضمن هذا الفصل متطلبات النظام الدولي للاستغاثة والسلامة البحرية (GMDSS) ، ويلزم جميع سفن الركاب وسفن البضائع المبحرة في المياه الدولية التي تزيد حمولتها الإجمالية عن 300 طن بحمل المعدات المصممة لتحسين فرص الإنقاذ عقب وقوع حادث، بما في ذلك الراشدة اللاسلكية لتحديد الموقع عبر الأقمار الصناعية في حالات الطوارئ (EPIRB)، والمجيب الراداري للبحث والإنقاذ (SART) الخاص بتحديد موقع السفينة أو قوارب النجاة.
كما تلزم أحكام الفصل الرابع الحكومات المتعاقدة بتقديم خدمات الاتصالات اللاسلكية إلى جانب إلزامها للسفن بحمل معدات الاتصالات اللاسلكية، ويرتبط هذا الفصل ارتباطاً وثيقاً بلوائح الاتحاد الدولي للاتصالات السلكية واللاسلكية.
الفصل الخامس: سلامة الملاحة.
يحدد الفصل الخامس بعض الخدمات الخاصة بسلامة الملاحة والتي ينبغي أن تقدمها الحكومات المتعاقدة، ويضع الأحكام التشغيلية العامة المطبقة على جميع أنواع السفن وجميع أنواع الرحلات (بخلاف الاتفاقية ككل، والتي لا تطبق إلا على فئات معينة من السفن التي تقوم برحلات دولية).
وتشمل الموضوعات التي يغطيها هذا الفصل صيانة خدمات الأرصاد الجوية للسفن، خدمة دوريات الجليد، توجيه السفن، وصيانة خدمات البحث والإنقاذ.
كما يطلب ضمناً تعهداً عاماً من القباطنة بتقديم المساعدة للمنكوبين، وتعهداً من الحكومات المتعاقدة بضمان أن جميع السفن تحمل طاقم العمل الملائم كماً ونوعاً من وجهة نظر السلامة. ويلزم الفصل أيضاً بحمل مسجل بيانات الرحلة (VDRs) ، ونظام التعريف الأوتوماتيكي (AIS) على متن السفن.
الفصل السادس: نقل البضائع.
يغطي الفصل جميع أنواع البضائع “التي تسبب مخاطر معينة للسفن أو الأشخاص الموجودين على متنها، والتي قد تتطلب احتياطات خاصة” (باستثناء السوائل والغازات بكميات كبيرة)، ويوضح متطلبات تخزين وتأمين وحدات الشحن أو البضائع (مثل الحاويات)، كما يفرض الفصل على سفن الحبوب التوافق مع المدونة الدولية لنقل الحبوب.
الفصل السابع: نقل البضائع الخطرة.
وترد أحكام هذا الفصل في أربعة أجزاء:
الجزء A -نقل البضائع الخطرة المعبأة: يتضمن الأحكام المتعلقة بالتصنيف، التعبئة، وضع العلامات واللافتات، المستندات والوثائق، وقواعد التستيف الخاصة بالبضائع الخطرة، وتلتزم الحكومات المتعاقدة بإصدار التعليمات على المستوى الوطني.
كما يلزم الفصل بمراعاة متطلبات المدونة البحرية الدولية للبضائع الخطرة (IMDG Code) ، التي وضعتها المنظمة البحرية الدولية، والتي يتم تحديثها باستمرار لاستيعاب بضائع خطرة جديدة واستكمال أو تعديل الأحكام القائمة.
الجزء A -1 نقل البضائع الخطرة الصلبة: يغطي هذا الجزء متطلبات المستندات والوثائق الخاصة، التستيف والعزل ويلزم بالإبلاغ عن الحوادث التي تنطوي على مثل هذه البضائع.
الجزء B: يغطي إنشاء ومعدات السفن التي تحمل المواد الكيميائية السائلة الخطرة بكميات كبيرة، ويفرض على الناقلات الكيميائية الامتثال للمدونة الدولية للمواد الكيميائية السائبة (IBC Code).
الجزء C: يغطي إنشاء ومعدات السفن التي تحمل الغازات المسيلة في ناقلات الغاز وناقلات البضائع السائبة لتتوافق مع متطلبات المدونة الدولية لناقلات الغاز (IGC Code).
الجزء D: يتضمن المتطلبات الخاصة لنقل الوقود النووي المشع والبلوتونيوم والنفايات عالية الإشعاع على متن السفن ويتطلب من السفن التي تحمل مثل هذه المنتجات التوافق مع المدونة الدولية لسلامة نقل الوقود النووي المشع والبلوتونيوم والنفايات عالية الإشعاع على متن السفن (INF Code) ، كما يتطلب هذا الفصل توافق نقل البضائع الخطرة مع أحكام المدونة البحرية الدولية للبضائع الخطرة (IMDG Code).
الفصل الثامن -السفن النووية.
يغطي المتطلبات الأساسية للسفن تعمل بالطاقة النووية والمتعلقة بشكل خاص بمخاطر الإشعاع، في إشارة إلى مدونة مفصلة وشاملة هي مدونة سلامة السفن التجارية النووية ، والتي اعتمدتها الجمعية العامة للمنظمة البحرية الدولية عام 1981.
الفصل التاسع -إدارة للتشغيل الآمن للسفن.
يلزم هذا الفصل بالمدونة الدولية لإدارة السلامة (ISM) ، التي تعنى بنظام إدارة السلامة الموضوع من قبل مالك السفينة أو أي شخص مسؤول عنها (“الشركة”).
الفصل العاشر: تدابير السلامة للزوارق السريعة.
يلزم هذا الفصل بمراعاة متطلبات المدونة الدولية لسلامة الزوارق السريعة (HSC Code).
الفصل الحادي عشر -1: التدابير الخاصة لتعزيز السلامة البحرية.
يوضح الفصل المتطلبات المتعلقة بالحصول على إذن من المنظمات المعتمدة (المسؤولة عن إجراء الكشوفات والتفتيش لصالح الإدارات)، الكشوف الإضافية، بيانات أرقام تعريف السفن، وسلطة دولة الميناء على المتطلبات التشغيلية.
الفصل الحادي عشر -2: التدابير الخاصة لتعزيز الأمن البحري.
تتناول المادة 3 من الفصل الحادي عشر المدونة الدولية لأمن السفن والمرافق المينائية (ISPS Code).
الجزء A من المدونة إلزامي، فيما يوضح الجزء B التوجيهات بشأن إيجاد أفضل السبل للتوافق مع المتطلبات الإلزامية.
المادة 8 من هذا الفصل تؤكد على دور القبطان في اتخاذ على القرارات اللازمة للحفاظ على أمن السفينة حسب تقديره وخبرته، وتوصي بألا تقيد قرارات القبطان من قبل الشركة المالكة أو المستأجر أو أي شخص آخر من هذا القبيل.
المادة 5 تفرض على السفن التزود بنظام إنذار أمن السفينة.
المادة 6 تغطي الاحتياجات اللازمة لمرافق الميناء، وتقديم الضمانات من الحكومات المتعاقدة بتنفيذ جملة من الإجراءات المتعلقة بتقييم أمن المرافق المينائية. ويتم تطوير وتنفيذ ومراجعة خطط أمن المرافق المينائية بما يتوافق مع متطلبات (ISPS Code).
تفرض مواد أخرى في هذا الفصل تزويد المنظمة البحرية الدولية (IMO) بالمعلومات، الرقابة على السفن في الموانئ (مثل الإجراءات المتعلقة بالتأخير والاحتجاز، وتقييد العمليات بما فيها الحركة داخل الميناء، أو طرد السفينة من الميناء)، المسؤوليات المنوطة بالشركات.
الفصل الثاني عشر: تدابير السلامة الإضافية لناقلات البضائع السائبة.
ويتضمن الفصل المتطلبات الإنشائية لناقلات البضائع السائبة التي يزيد طولها عن 150 متراً.
الفصل الثالث عشر: التحقق من الالتزام.
فصل جديد أضيف مؤخراً إلى اتفاقية (SOLAS) أصبح بموجبه نظام التحقق من التزام الدول الأعضاء في المنظمة إلزامياً، ودخل حيز التنفيذ اعتباراً من 1 كانون الثاني/ يناير 2016.
الفصل الرابع عشر -تدابير السلامة للسفن العاملة في المياه القطبية.
فصل جديد آخر أضيف إلى الاتفاقية، تصبح بموجبه مقدمة المدونة الدولية للسفن العاملة في المياه القطبية (the Polar Code) والجزء (1-A) منها إلزاميين اعتباراً من 1 كانون الثاني/ يناير عام 2017.
لقد تم تعديل اتفاقية (SOLAS 74) مرات عديدة حتى وصلت إلى شكلها الحالي الوارد آنفاً، وتعد (SOLAS) واحدة من ثلاث اتفاقيات رئيسية ناظمة للعمل البحري في العالم وركناً من أركان المنظمة البحرية الدولية، إلى جانب كل من الاتفاقية الدولية لمنع التلوث من السفن (MARPOL) والاتفاقية الدولية لمعايير التدريب والترخيص والمراقبة المتعلقة بالبحارة (STCW) والتي سنفرد لكل منها مقالاً خاصاً في الأسابيع القادمة ….