التعليم البحري عن بعد: الواقع والتحديات

عقدت “ربان السفينة”، المنصة الإعلامية البحرية، ندوة إلكترونية بعنوان “التعليم البحري عن بعد: الواقع والتحديات”، الندوة الثانية من ضمن سلسلة ندوات منتدى الشرق الأوسط البحري الإلكترونية، التي تناقش تواجه الأكاديميات والمعاهد التعليمية البحرية بشكل متسارع نحو الرقمنة لمعالجة المخاطر والآثار المتأتية عن جائحة كوروناCOVID-19  بعد أن أصبح التعلم عن بعد أكثر شيوعا.

مناقشات

خلال ساعتين، سلطت هذه الندوة الضوء على تغيير الأساليب التقليدية للتعليم وقدرة الأساليب الذكية على تغطية جميع المجالات البحرية، فضلا عن جهوزية المؤسسات الأكاديمية للتكنولوجيا من حيث البنية التحتية والتعليم والمعلمين والطلاب. هل هناك إمكانية للحصول على شهادات الملاحين العاملين على متن السفن وفق الإتفاقية الدولية لمعايير التدريب والإجازة والخفارة للملاحين STCW عبر تقنيات الواقع الإفتراضي والواقع المعزز؟ وهل سيساعد التعليم عن بعد في بناء ضباط وبحارة بالمستوى نفسه من الكفاءة؟

عرضت هذه الندوة إيجابيات، سلبيات وتحديات هذا العصر الأكاديمي الرقمي الجديد الذي تتبناه الصناعة البحرية وتستعد له، وقدم المتحدثون من قادة وخبراء في التعليم البحري خبرتهم في هذا المجال، حيث سلطوا الضوء على نماذج ومنهجيات التدريب والتقنيات والإبتكارات الجديدة التي تخدم هذا القطاع؛ بالإضافة إلى توافق قطاع التعليم البحري مع متطلبات الصحة والنظافة الصحية، وإمكانية الجمع بين أنظمة التعليم الذكية في الأكاديميات البحرية، والنظر في استثمار هذا القطاع في التقنيات المتقدمة.

المتحدثون

إفتتحت الندوة الدكتورة Cleopatra Doumbia-Henry، رئيسة الجامعة البحرية العالمية WMU، حيث تحدثت عن التغير الجذري الذي طرأ على العالم خلال الأشهر الستة الماضية جراء جائحة كورونا: “لقد أعدنا تحديد علاقتنا مع التنقل، وقد كان لهذه الأزمة الصحية تأثيرا واضحا على برامج التعليم حول العالم، حيث عملت المعاهد والأكاديميات على توفير برامجهم افتراضيا. لحسن الحظ، مكنتنا وسائل الإتصال الحديثة من نقل أنشطتنا إلكترونيا وهذه الندوة الإلكترونية هي خير دليل على مدى سرعة تكيفنا مع الظروف الجديدة.”

مهارات جديدة

وناقشت الدكتورة Doumbia-Henry التحديات التي واجهتها WMU خلال هذه الفترة، كأي مؤسسة أخرى، لافتة إلى العوامل الثلاث الرئيسية في فترة التحويل وهي الطلاب، الأساتذة والمناهج: “من أجل الإرتقاء إلى متطلبات التعليم عن بعد، كان على WMU اكتساب مهارات جديدة، ليس من ناحية تكنولوجيا المعلومات فحسب، ولكن أيضا فيما يتعلق بمحاضراتها وأساتذتها. يحتاج طلابنا إلى الإهتمام نفسه أو حتى الإهتمام الذي يحظى به الطلاب المقيمون في الجامعة، مثل إمكانية وصولهم إلى جميع المكتبات والمرافق، الأمر الذي يجب أخذه في الإعتبار وإعطائه الأولوية، حتى يتمكنوا أيضا من الإستفادة القصوى من هذه التجربة.”

وفي مقدمة المتحدثين، شارك الدكتور أحمد يوسف، نائب عميد كلية النقل البحري والتكنولوجيا في الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري فرع الشارقة، آراءه عن التعليم البحري عن بعد، نيابة عن الدكتور الربان محمد داوود، نائب رئيس الشؤون البحرية في الأكاديمية.

الموجة الرابعة

وتحدث الدكتور يوسف عن تأثير جائحة كورونا على كافة أمور الحياة وبما في ذلك أساليب التعليم: “كنا ندرس إمكانية برامج التعليم عن بعد ولكن لم يتم تنفيذه، إلى حين مواجهتنا تحديات الوباء، حيث بدأ الجميع يعتمد على هذا الأسلوب في كافة نواحي التعليم. وبعد مرور فترة الوباء هذه، لا شك أن الكثير سيتغير ليتلاءم مع هذا التحول في القطاع البحري.” وتحدث الدكتور يوسف عن الموجة الرابعة للقطاع البحري التي تعتمد على تكنولوجيا المعلومات والتي ستكون متناسقة مع التعليم البحري عن بعد، مشيرا إلى أن هذا الوباء قد دفع بالأمور قدما بالنسبة للتعليم البحري ليكون أكثر عمقا وآليا.

التعليم العالي

من خلال ورقته، قدم البروفيسور محاد باعوين، عميد كلية عمان البحرية الدولية شرحا مفصلا عن مسألة التعليم عن بعد، في إشارة لتحديات هذا التحول الجديد بالإخض للتعليم العالي، حيث أن اختيار منصات التعليم عن بعد قد مثّل تحديا: “هذا التحول المفاجئ إلى التقنيات الإلكترونية لم يعط الوقت المناسب لتطوير البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات، حيث لم يكن هناك الوقت الكافي لتدريب الجهاز التعليمي والطلاب على استخدام المعدات الموجودة.”

وأشار البروفيسور باعوين إلى ضرورة دمج البرامج التعليمية للمضي قدما في العام الدراسي الجديد، حيث خصص التعليم عن بعد للدروس النظرية، معتبرا أن الدورات التدريبية يجب أن تتم داخل حرم الكلية.

الإعتماد السريع على التقنيات الإلكترونية

ومن أبرز الخبراء المتخصصين في قطاع التعليم في هذه الندوة المهندس معن مساد، مدير إدارة الأعمال والجودة في الأكاديمية الأردنية للدراسات البحرية(JAMS) ، الذي ناقش “التطور الإستراتيجي للأكاديميات والمعاهد: متطلبات التعليم عن بعد بالإعتماد على نتائج التعليم”. وشدد المهندس مساد على دور جائحة كورونا في تسريع عملية اعتماد أساليب مختلفة من التعليم عن بعد، لافتا إلى تأثير هذا التحول الجديد على كافة أقطاب التعليم.

جهوزية البحارة

وشاركت الدكتورة Iliana Christodoulou-Varotsi، مستشارة الصناعة ومدير الدورات التدريبية في Lloyds Maritime Academy، ومقرها المملكة المتحدة، في هذه الندوة، مشيرة إلى دور الإنسان في هذا التحول نحو التعليم عن بعد، وناقشت مدى جهوزية البحارة في استعاب البيئة الجديدة للتعليم، وسبل الوعي لتطوير إمكانيات تقبلهم لهذه التقنيات الجديدة.

فعالية التغيير

بدوره، عرض الربان تميم امام رئيس التطوير والتخطيط والمسؤؤول عن التعليم الإلكتروني في مركز العقبة للتعليم والتدريب البحري في جامعة البلقاء التطبيقية، ورقته تحت عنوان “مستقبل التعليم في المعاهد البحرية”، لافتا إلى تحديات التعليم عن بعد، المشاكل التقنية، الخوف من التغيير، النقص في المهارات، وصعوبة التحفيز. وناقش فعالية التعليم عن بعد ودمج البرامج التعليمية، إلى جانب تقنيات الواقع الإفتراضي والواقع المعزز.

أنظمة المحاكاة

أما Nicola D’Ella، مسؤول مبيعات تقنيات المحاكاة في شركة Wartsilla أوروبا، وزميله Kiran Kumar، مسؤول مبيعات تقنيات المحاكاة في شركة Wartsilla الشرق الأوسط، فقد تحدثا عن تطور أنظمة المحاكاة بحسب الطلب، والمتطلبات والفوائد التقنية لهذه الأنظمة، بالنظر إلى خدمات الشركة في هذا الخصوص.

وفي نهاية الندوة، فتح باب النقاش والتساؤلات أمام المتحدثين بمشاركة من الدكتور عارف فخري، الدكتور المساعد في الجامعة البحرية العالمية WMU، حيث شارك العديد من الحضور بأسئلة هامة حول فعالية التعليم عن بعد منوهين بأهمية هذه الندوة في فتح باب النقاش بين قادة التعليم البحري حول العالم للوصول إلى نظرة موحدة حول مستقبل التعليم البحري.

المصدر: مجلة الشرق الأوسط للأعمال